المنطقة العشوائية التي يحتضنها جبل المقطم من ناحية ويحيطها شريط سكة حديد من ناحية أخرى وتسمى عزبة بخيت بالدويقة لم تكن معروفة للكثيرين ولم يهتم بأهلها العديد من المسئولين إلا أنها وفي أقل من أربع ساعات كانت مثار انتباه جميع القنوات والفضائيات وعدسات المصورين لترسم صورة جديدة للإهمال وعوار وضعف الأجهزة المعنية في مصر.
وبين عروس جديد وطفل وليد كان ميلاده من أسبوعين وامرأة عجوز جميعهم ذهبوا تحت الأنقاض وقف أهالي المنطقة ممن استطاعوا أن يسكنوا بعيداً بعض الشيء عن الجبل ولسان حالهم يقول: متي سنكون تحت الصخور؟!!
"محمد أحمد" (سائق) قال: "منزلي على بعد أمتار قليلة من آخر صخرة هبطت من الجبل فحين سقط الجبل سمعنا صوت يشبه صوت الرعد ولم تهبط صخور كما هو متوقع ولكن الجزء كله سقط مرة واحدة والحمد لله أني حي أرزق".
أما "عبد الله" وهو صاحب المنزل الوحيد الذي تهدم واستطاع هو وأسرته الخروج أحياء فقال: "كنت مستيقظا مبكرا للذهاب إلى عملي وسمعت صوتا شديد الدوي ولاحظت وجود عاصفة تراب على المنزل فأخذت أولادي وزوجتي وخرجنا مسرعين والحمد لله المنزل تهدم معظمه ولكننا نجونا".
وأمام أحد المنازل المهدمة وقف بعض الأهالي يقصّون علينا أنه منزل لعريس وعروسة حديثي الزواج هدم عليهم المنزل ولكن بفضل الله أخرجهم الأهالي من تحت الأنقاض قبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة.
الموبايل كان له فضل كبير في وصايا الكثير من المفقودين حيث اتصل الكثير من الأهالي وهم تحت الأنقاض إما طالبين للمساعدة -والتي لم ولن تصل إليهم- أو موصون أهاليهم بآخر كلماتهم في حين دفعت الحالة النفسية السيئة الأهالي للتشاجر مع قوات الأمن أكثر من مرة خاصة في ظل عدم تمكن قوات الإنقاذ من إزالة الكتل الصخرية بأدواتهم البدائية.
ولذلك بدأت قوات الدفاع المدني في إزالة تبة السكة الحديد والعشرات من المنازل القريبة من التبة للسماح بدخول المعدات والأجهزة الثقيلة التي ستعمل على إزاحة الصخور بسبب ضيق الطرق المؤدية إلى مكان الانهيار. بالإضافة إلى إخلاء عدد من المنازل الأخرى القريبة من الجبل خوفا من تكرار الأمر مرة أخرى وسقوط أجزاء صخرية من الجبل.
ولعل أبرز جوانب الصورة الإيجابية في نكبة الدويقة كانت شباب الجمعيات الأهلية والهيئات التابعة لنقابة الأطباء والهلال الأحمر واتحاد الأطباء العرب حيث من المقرر أن تقوم العشرات من منظمات المجتمع المدني بعمل تقرير عاجل عن الكارثة وتقديم كافة سبل المساعدة وتكوين حملة وطنية لدعم أسر القتلى والمصابين كما قامت لجنة الإغاثة باتحاد الأطباء العرب بتقديم مساعدات عاجلة وتوفير خيم الإيواء المؤقتة لمنكوبي الدويقة حيث وفرت اللجنة في اليوم الأول 17 خيمة وكميات من المياه إضافة لعمليات استطلاع لاحتياجات أهالي المنطقة